عبـــــد مهـــدي القصـــاب
إن العالم واسع وكبير والناس فيه على اختلافهم في القيم والاخلاق والرجولة
علمني كيف امسك البار فعلمته فيما بعد كيف يخوض البطولات
والشهامة وكل يوم نتعرف على أشخاص جدد وكنا في الماضي نحب أشخاص وكنا نقول لأنفسنا أننا لن نستطيع أن نعيش من دونهم وذهبوا وجاء آخرون وذهبوا وهكذا تستمر الحياة ولكن الحزن باق وقد يكون على فراقهم كبيرا في البداية ثم يصغر ويصغر لكن يبقى ازلي . وواحدا من هؤلاء “الشهمــــاء” البطل الخالد عبــد مهـــدي القصــاب “ابا حيــدر” شاهدته اول مرة عند بدايتي للتدريب في صدفة ظريفة وطريفة وكنت صغيرا في العمر وكنت نحيفا جدا لم يتعدى وزني 35 كغم،،، ذهبت الى المدرب القدير سعدون الحيدري كي اغيير الكورس ( الكورس الثاني) عند مقهى الطليعة قرب الوثبة فلم اجد الاستاذ سعدون فشاهدت جمهرة من الابطال واصحاب العضلات حيث كانت المقهى مزدحمة بوجودهم وسلمت عليهم وكنت شبه مرتبكأ من هؤلاء نظرت الى واحدا من هؤلاء ولفت نظري له وقال اتفضل وكانت تسمو ملامح وجهه استاذ سعدون ؟؟ قلت له انت اخو استاذ سعدون ؟؟ فبادني باجابة اي اي اني اخوه ،، قلت له وين استاذ سعدون قال لي تركته في البيت وهسة يجي فقال انتظر اكعد استريح وجلبوا لي الشاي انتظرت طويلا ولم يات سعدون ،،، استاذنت ورحلت الى اليوم الثاني اتيت وشاهدت كلاهما فسلمت على كل الموجودين الاستاذ سعدون وشبيهه “اخ سعدون” عبد مهدي القصاب واخبرت استاذ سعدون وقلت له استاذ اني اجيت البارحة حتى اسئل اخوك فقال في اسغراب منو اخوية فقلت له مو هذا الاخ اللي كاعد يمك فقال ها ها اي اي،،، واخذت الكورس الجديد وبعد ايام من استلامي للكورس الجديد شاهدت ذلك الرجل الذي اعرف انه اخ سعدون وعرفت اسمه المكنى “عبد القصاب” فسلمت عليه بحرارة واعجاب انني اتمرن مع اخ سعدون وهو يطبق لي الكورس الجديد وكلي فخرا وزهوا من ان اخ سعدون يعلمني باداء وتطبيق الكورس ،،، وبعد ايام كان في غاية الابتسامة والضحكة الجميلة تلك قال لي تعال اكولك ترة اني مو اخو سعدون فقلت له لا لا لا تكذب علي اشلون مو اخوه مو هو هم كلي وانت وياه تتشابهون فحلف لي اشد الايمان ولم اصدق ،،، مع ذلك تجاوزت الامر لانني عرفت انه هناك شبه عصابات وصراعات في النادي جماعة سعدون ومجموعة اخرى يتدربون عند غير مدرب وهكذا ،، بعدها نضجت الفكرة ومع مرور الايام عرفت انه لم يكن اخ الاستاذ سعدون سوى انه ياخذ كورس منه او يتمرن عنده وحالي من حاله ،،، استمرت علاقتي بهذا الرجل من باب السلام والاحترام اذ يكبرني عمرا وكان هذا بداية عام 1974 وكان تلك الفترة هو يتمرن سوية مع البطل حسن القصاب وكان هذا بطلا مرموقا من فئة طوال القامة ،،، ومع مرور الزمن حيث كنت اسابق الزمن من اجل ان اصبح بطلا واصبحت كثير اللقاء مع الاستاذ سعدون كي ادرك مفاهيم هذه الرياضة بل وكنت اناقشه في كثير من الامور في التدريب وكنت اترجم وانقل له في اليوم التالي ويصحح لي او اضيف بعض الشيء هو يثني علي كثيرا وامام اغلب الابطال ويمدحني من انني سكون يوما ما افضل مدرب ،،، وفي عام 1980 رحل الاستاذ سعدون وأبعد عن العراق بعد ان اوصى اغلب الابطال الكبار ان (صباح طالب) سيكون خليفتي في التدريب واخذوا كورسات منه اذا تطلب الامر في حال عدم عودتي ،،، وتشاء الصدفة من ان الذي علمني على تطبيق الكورس من سنوات “عبد القصاب” اكتب له كورسا او اشرف على تدريبه وغيره وغيره ايضا من الابطال الكبار والذين ايضا يكبرونني عمرا بل وبطولات ،،، ارتبطت علاقتي بشكل قوي جدا بصديقي عبد القصاب ابا حيدر بل اصبح اخي وحبيبي وكان يحترمني جدا بل ويعتز بي وملازما لي في اغلب البطولات التي كنت اخوضها في الاحماء والصبغ الذي كنت اصنعه بنفسي كما انه كان الوحيد من بين الاصدقاء القلة يرى مستوى جسمي ومهما ان كان لديه اي ظرف او عمل الا وان ياتي لمتابعة مسابقة وزني والنتيجة ،،، ووقف مع في احنك الظروف وهو الذي اصر على زواجي وقال صباح وكان يناديني “ابو النور” اتزوج اتزوج اتزوج رغم ان كل اخوتي وهم اصغر مني تزوجوا ،،، ولا انسى ابدا ابدا الدهر مواقفه تلك ،،، وكانت حرب ايران على اوزاراها طلبوه ان يؤدي خدمة الاحتياط اذ هو من مواليد 1951 فتوسطت لسحبه الى نادي الجيش الرياضي كلاعب واصبح ضمن تشكلية الفريق لبناء الاجسام … نذهب بسيارتي او سيارته نجلس كل يوم خميس او يوم الاثنين ونلتقي سوية ونشرب ويسكي او البيرة الهننكن الالمانية في شارع المشجر او في الكرادة انا وهو او ياتي شخص اخر لا اكثر وهذا شرط مني وهو يقبله ، وعندما نوشك على انتهاء الشرب يبدأ من جديد العناد اما انا ادفع او هو والاغلب يصر هو كما اصر انا وكما هو الحال عند العشاء وهكذا الجلسة كل اسبوع مرة او مرتين ،،، كان صاحب نكتة وظريف وجليس وحلو المعشر ويقارب التصالح بين الاثنين ولم يقبل ان يتخاصم اصدقاء بينهم ويحاول ان يصالحهم وكان يحمل نفسية طيبة جدا بل وكريم النفس ويساعد الناس ولم يبخل بمساعدة اي احد حتى لو تطلب الامر ان يشتري سيارة له كي يترزق منها وكان يخبرني لي فقط انه اعطى لفلان كذا مبلغ والى فلان وفلان ،،، وكنت اعاتبه ليش انطيت لفلان هذا مايستحق او هذا مايكدر يسدد دين او هذا نصاب او هذولة نايمين براسك كنت اكلمه وهو يسكت ،،، واحيانا عندما لم تتصادف ان نشرب سوية يدعو بعض الاصدقاء يجلسوا معه لانه سيدفع مشروبهم وعشائهم بل ومصاريفهم واحد واحد ويعرف جيدا انني لم احبذ كعدتهم وجلستهم وهم من الرياضين طبعا امثال المرحوم صاحب النجفي وصباح زبون مدرب المنتخب الحالي للاثقال ومعهم شلة تعبانة في نظري بل وغالبيتهم من الشواذ ،،، ذات يوم اشترى سيارة جديدة نوع سوبر صالون حمراء موديل 84 باركت له عليها وعند مشاهدتي للسيارة والملفتة للنظر ، كرهت هذه السيارة الجديدة كرها شديدا من اول وهلة لها قلت له ابو حيدر هذه بعد لاتروح بيها بعد “للكمالية” اذ كان بعد ان ينهي من الشرب يذهب الى الكاولية واحيانا يبقى للفجر … في يوم الخميس 2/4/1987 صباحا جاءني الاخ عبد الى الكراج وكان لي عشرة ايام لم نشرب سوية وطلب مني انه مساء اليوم ان نجلس نشرب فقلت له اي ميخالف ساعة 8 انتظرك فقال لي بركاكة الكلام اي مو الجماعة يحبون يكعدون وياك واليوم خميس فقلت له اي جماعة ؟؟ فقال لي صاحب النجفي وصباح زبون ورعد خاجية ووو فاعتذرت منه وقلت له تعرف ابو حيدر اني اشكد اعتز بيك لكن هذولة شلة تعبانة وما احب اكعد وياهم روح براحتك اخذ راحتك ما أجي فرجاني ان اغير رأي فاصررت على عدم رغبتي بعدم الذهاب او الجلوس معهم فقال مو مشكلة وين تكعد احنا نجيك فقلت له لا تعب نفسك اليوم اني اشرب في البيت ،،،
النهاية الموجعة
صباح يوم السبت بعد يومين جاءني البطل الدولي علي حسين وقال لي ابو علي خبر مؤسف قلت له خير ؟؟؟ فقال لي ابو حيدر انطاك عمره والبقية في حياتك فقلت له اي ابو حيدر ؟؟؟ فقال عبد القصاب !!! فقلت له امشي لك عفطي يلة تعال تعال جوة نكعد فقال والله استاذ صباح صدك مثل ما اكلك توفى اول البارحة ففكرت يمكن مقلب لي او كذبة نيسان لا اعرف لكن عندما توافدوا علينا المتجمعين في الكراج ليستفسروا من علي عرفت انه الخبر الذي اصعقني واحسست انه كشيء نخر من جسمي مع صفير جدا قوي في اذني وارتفعت حرارة جسمي واحسست بالغثيان وسقط في الارض مغشيا ،،، بعدها وجدت نفسي في ادارة الكراج والناس حولي يهفوف على وجهي وعرفت القصة بالكامل، اليوم الذي اصر ان نجلس فيه الخميس مساءا كان جالسا يشرب مع صاحب وصباح وفلان وفلان وشرب هو كثيرا فاخذوه الى مكان اخر في بغداد الجديدة وكان يطلب شخصا مبالغ وشرب ايضا عنده ومنها تركوه بعد عرفوا انه سكر سكرا شديدا فقال لهم اريد اذهب الى الكمالية منو يجي وياية منكم فتهربوا منه ولم يرافقه اي واحد وتنصلوا منه وبعد عودته من الكمالية ودخوله في استدارة القناة من جهة البلديات قرب الامم المتحدة حاليا ارتطم ب صبات كونكريتية موضوعة في الشارع فارتطمت سيارته السوبر الحمراء هذه وانقلبت الى الجهة اليسرى فيما السيارة انقسمت نصفين فيما هو كانت ضربة اصيب بها على راسه وتوفى في الحال …. وعلمت انه من امس الجمعة قد تم دفنه ولم اعلم بكل هذه وذهبت الى مجلس الفاتحة ورايت عائلته واولاده حيث يعرفونني وفي فجر اليوم الثاني ذهبت الى مكان الحادث فشاهدت اثار بقايا السيارة واوراق متناثرة في الارض يظهر انه الشرطة استولوا على محتويات في داخل السيارة والمحفظة التي فيها نقوده ووجدت دعاء وصورة ابنه الصغير ولاتزال محتفظ بهما الى هذا اليوم وللعلم انني اخبرت اخيه وابنه حيدر من اني وجدت بعض الاشياء عند مكان الحادث وسوف احتفظ بهما لي ولم يمانعوا … كنت دوما اذهب لزيارة قبره والترحم عليه ووضعت نفس هذه الصورة وهو واقف بوضع الجانبي ،،، وبعد الغوغاء واحداث النجف عام 1991 تهدم قبره وكافة القبور التي بجانبه وتم شق شارع مكان كافة القبور …
رحل عبد مهدي القصاب وظلت ذاكرته محفورة في قلبي الى الان يأتي لي في المنام والاحلام مرارا ساعات ولحد الان اراه مبتسما ويقول لي اني لم امت وانت صباح ماتسال عني واحيانا اراه حزينا وعابسا يكسوا وجهه لحية كبيرة ووجه غريب ويكسوا ملابس قرفة وكثيفة جدا …
هكذا انتهت هذا الرجل العظيم في نظري من حيث الشهامة والطيبة والسخي والعفة والكرم والبساطة ،،، وراح هو الضحية
اقول في النهاية كما قال الشاعر :
قفي ودعينا قبلَ وشكِ التفرقِ
فما أنا من يحيا إلى حينَ نلتقي
لا تأسفن على الدنيا وزينتها وأرح فؤادك من هم ومن حزن
وانظر الى من حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن
إن العالم واسع وكبير والناس فيه على اختلافهم في القيم والاخلاق والرجولة
علمني كيف امسك البار فعلمته فيما بعد كيف يخوض البطولات
والشهامة وكل يوم نتعرف على أشخاص جدد وكنا في الماضي نحب أشخاص وكنا نقول لأنفسنا أننا لن نستطيع أن نعيش من دونهم وذهبوا وجاء آخرون وذهبوا وهكذا تستمر الحياة ولكن الحزن باق وقد يكون على فراقهم كبيرا في البداية ثم يصغر ويصغر لكن يبقى ازلي . وواحدا من هؤلاء “الشهمــــاء” البطل الخالد عبــد مهـــدي القصــاب “ابا حيــدر” شاهدته اول مرة عند بدايتي للتدريب في صدفة ظريفة وطريفة وكنت صغيرا في العمر وكنت نحيفا جدا لم يتعدى وزني 35 كغم،،، ذهبت الى المدرب القدير سعدون الحيدري كي اغيير الكورس ( الكورس الثاني) عند مقهى الطليعة قرب الوثبة فلم اجد الاستاذ سعدون فشاهدت جمهرة من الابطال واصحاب العضلات حيث كانت المقهى مزدحمة بوجودهم وسلمت عليهم وكنت شبه مرتبكأ من هؤلاء نظرت الى واحدا من هؤلاء ولفت نظري له وقال اتفضل وكانت تسمو ملامح وجهه استاذ سعدون ؟؟ قلت له انت اخو استاذ سعدون ؟؟ فبادني باجابة اي اي اني اخوه ،، قلت له وين استاذ سعدون قال لي تركته في البيت وهسة يجي فقال انتظر اكعد استريح وجلبوا لي الشاي انتظرت طويلا ولم يات سعدون ،،، استاذنت ورحلت الى اليوم الثاني اتيت وشاهدت كلاهما فسلمت على كل الموجودين الاستاذ سعدون وشبيهه “اخ سعدون” عبد مهدي القصاب واخبرت استاذ سعدون وقلت له استاذ اني اجيت البارحة حتى اسئل اخوك فقال في اسغراب منو اخوية فقلت له مو هذا الاخ اللي كاعد يمك فقال ها ها اي اي،،، واخذت الكورس الجديد وبعد ايام من استلامي للكورس الجديد شاهدت ذلك الرجل الذي اعرف انه اخ سعدون وعرفت اسمه المكنى “عبد القصاب” فسلمت عليه بحرارة واعجاب انني اتمرن مع اخ سعدون وهو يطبق لي الكورس الجديد وكلي فخرا وزهوا من ان اخ سعدون يعلمني باداء وتطبيق الكورس ،،، وبعد ايام كان في غاية الابتسامة والضحكة الجميلة تلك قال لي تعال اكولك ترة اني مو اخو سعدون فقلت له لا لا لا تكذب علي اشلون مو اخوه مو هو هم كلي وانت وياه تتشابهون فحلف لي اشد الايمان ولم اصدق ،،، مع ذلك تجاوزت الامر لانني عرفت انه هناك شبه عصابات وصراعات في النادي جماعة سعدون ومجموعة اخرى يتدربون عند غير مدرب وهكذا ،، بعدها نضجت الفكرة ومع مرور الايام عرفت انه لم يكن اخ الاستاذ سعدون سوى انه ياخذ كورس منه او يتمرن عنده وحالي من حاله ،،، استمرت علاقتي بهذا الرجل من باب السلام والاحترام اذ يكبرني عمرا وكان هذا بداية عام 1974 وكان تلك الفترة هو يتمرن سوية مع البطل حسن القصاب وكان هذا بطلا مرموقا من فئة طوال القامة ،،، ومع مرور الزمن حيث كنت اسابق الزمن من اجل ان اصبح بطلا واصبحت كثير اللقاء مع الاستاذ سعدون كي ادرك مفاهيم هذه الرياضة بل وكنت اناقشه في كثير من الامور في التدريب وكنت اترجم وانقل له في اليوم التالي ويصحح لي او اضيف بعض الشيء هو يثني علي كثيرا وامام اغلب الابطال ويمدحني من انني سكون يوما ما افضل مدرب ،،، وفي عام 1980 رحل الاستاذ سعدون وأبعد عن العراق بعد ان اوصى اغلب الابطال الكبار ان (صباح طالب) سيكون خليفتي في التدريب واخذوا كورسات منه اذا تطلب الامر في حال عدم عودتي ،،، وتشاء الصدفة من ان الذي علمني على تطبيق الكورس من سنوات “عبد القصاب” اكتب له كورسا او اشرف على تدريبه وغيره وغيره ايضا من الابطال الكبار والذين ايضا يكبرونني عمرا بل وبطولات ،،، ارتبطت علاقتي بشكل قوي جدا بصديقي عبد القصاب ابا حيدر بل اصبح اخي وحبيبي وكان يحترمني جدا بل ويعتز بي وملازما لي في اغلب البطولات التي كنت اخوضها في الاحماء والصبغ الذي كنت اصنعه بنفسي كما انه كان الوحيد من بين الاصدقاء القلة يرى مستوى جسمي ومهما ان كان لديه اي ظرف او عمل الا وان ياتي لمتابعة مسابقة وزني والنتيجة ،،، ووقف مع في احنك الظروف وهو الذي اصر على زواجي وقال صباح وكان يناديني “ابو النور” اتزوج اتزوج اتزوج رغم ان كل اخوتي وهم اصغر مني تزوجوا ،،، ولا انسى ابدا ابدا الدهر مواقفه تلك ،،، وكانت حرب ايران على اوزاراها طلبوه ان يؤدي خدمة الاحتياط اذ هو من مواليد 1951 فتوسطت لسحبه الى نادي الجيش الرياضي كلاعب واصبح ضمن تشكلية الفريق لبناء الاجسام … نذهب بسيارتي او سيارته نجلس كل يوم خميس او يوم الاثنين ونلتقي سوية ونشرب ويسكي او البيرة الهننكن الالمانية في شارع المشجر او في الكرادة انا وهو او ياتي شخص اخر لا اكثر وهذا شرط مني وهو يقبله ، وعندما نوشك على انتهاء الشرب يبدأ من جديد العناد اما انا ادفع او هو والاغلب يصر هو كما اصر انا وكما هو الحال عند العشاء وهكذا الجلسة كل اسبوع مرة او مرتين ،،، كان صاحب نكتة وظريف وجليس وحلو المعشر ويقارب التصالح بين الاثنين ولم يقبل ان يتخاصم اصدقاء بينهم ويحاول ان يصالحهم وكان يحمل نفسية طيبة جدا بل وكريم النفس ويساعد الناس ولم يبخل بمساعدة اي احد حتى لو تطلب الامر ان يشتري سيارة له كي يترزق منها وكان يخبرني لي فقط انه اعطى لفلان كذا مبلغ والى فلان وفلان ،،، وكنت اعاتبه ليش انطيت لفلان هذا مايستحق او هذا مايكدر يسدد دين او هذا نصاب او هذولة نايمين براسك كنت اكلمه وهو يسكت ،،، واحيانا عندما لم تتصادف ان نشرب سوية يدعو بعض الاصدقاء يجلسوا معه لانه سيدفع مشروبهم وعشائهم بل ومصاريفهم واحد واحد ويعرف جيدا انني لم احبذ كعدتهم وجلستهم وهم من الرياضين طبعا امثال المرحوم صاحب النجفي وصباح زبون مدرب المنتخب الحالي للاثقال ومعهم شلة تعبانة في نظري بل وغالبيتهم من الشواذ ،،، ذات يوم اشترى سيارة جديدة نوع سوبر صالون حمراء موديل 84 باركت له عليها وعند مشاهدتي للسيارة والملفتة للنظر ، كرهت هذه السيارة الجديدة كرها شديدا من اول وهلة لها قلت له ابو حيدر هذه بعد لاتروح بيها بعد “للكمالية” اذ كان بعد ان ينهي من الشرب يذهب الى الكاولية واحيانا يبقى للفجر … في يوم الخميس 2/4/1987 صباحا جاءني الاخ عبد الى الكراج وكان لي عشرة ايام لم نشرب سوية وطلب مني انه مساء اليوم ان نجلس نشرب فقلت له اي ميخالف ساعة 8 انتظرك فقال لي بركاكة الكلام اي مو الجماعة يحبون يكعدون وياك واليوم خميس فقلت له اي جماعة ؟؟ فقال لي صاحب النجفي وصباح زبون ورعد خاجية ووو فاعتذرت منه وقلت له تعرف ابو حيدر اني اشكد اعتز بيك لكن هذولة شلة تعبانة وما احب اكعد وياهم روح براحتك اخذ راحتك ما أجي فرجاني ان اغير رأي فاصررت على عدم رغبتي بعدم الذهاب او الجلوس معهم فقال مو مشكلة وين تكعد احنا نجيك فقلت له لا تعب نفسك اليوم اني اشرب في البيت ،،،
النهاية الموجعة
صباح يوم السبت بعد يومين جاءني البطل الدولي علي حسين وقال لي ابو علي خبر مؤسف قلت له خير ؟؟؟ فقال لي ابو حيدر انطاك عمره والبقية في حياتك فقلت له اي ابو حيدر ؟؟؟ فقال عبد القصاب !!! فقلت له امشي لك عفطي يلة تعال تعال جوة نكعد فقال والله استاذ صباح صدك مثل ما اكلك توفى اول البارحة ففكرت يمكن مقلب لي او كذبة نيسان لا اعرف لكن عندما توافدوا علينا المتجمعين في الكراج ليستفسروا من علي عرفت انه الخبر الذي اصعقني واحسست انه كشيء نخر من جسمي مع صفير جدا قوي في اذني وارتفعت حرارة جسمي واحسست بالغثيان وسقط في الارض مغشيا ،،، بعدها وجدت نفسي في ادارة الكراج والناس حولي يهفوف على وجهي وعرفت القصة بالكامل، اليوم الذي اصر ان نجلس فيه الخميس مساءا كان جالسا يشرب مع صاحب وصباح وفلان وفلان وشرب هو كثيرا فاخذوه الى مكان اخر في بغداد الجديدة وكان يطلب شخصا مبالغ وشرب ايضا عنده ومنها تركوه بعد عرفوا انه سكر سكرا شديدا فقال لهم اريد اذهب الى الكمالية منو يجي وياية منكم فتهربوا منه ولم يرافقه اي واحد وتنصلوا منه وبعد عودته من الكمالية ودخوله في استدارة القناة من جهة البلديات قرب الامم المتحدة حاليا ارتطم ب صبات كونكريتية موضوعة في الشارع فارتطمت سيارته السوبر الحمراء هذه وانقلبت الى الجهة اليسرى فيما السيارة انقسمت نصفين فيما هو كانت ضربة اصيب بها على راسه وتوفى في الحال …. وعلمت انه من امس الجمعة قد تم دفنه ولم اعلم بكل هذه وذهبت الى مجلس الفاتحة ورايت عائلته واولاده حيث يعرفونني وفي فجر اليوم الثاني ذهبت الى مكان الحادث فشاهدت اثار بقايا السيارة واوراق متناثرة في الارض يظهر انه الشرطة استولوا على محتويات في داخل السيارة والمحفظة التي فيها نقوده ووجدت دعاء وصورة ابنه الصغير ولاتزال محتفظ بهما الى هذا اليوم وللعلم انني اخبرت اخيه وابنه حيدر من اني وجدت بعض الاشياء عند مكان الحادث وسوف احتفظ بهما لي ولم يمانعوا … كنت دوما اذهب لزيارة قبره والترحم عليه ووضعت نفس هذه الصورة وهو واقف بوضع الجانبي ،،، وبعد الغوغاء واحداث النجف عام 1991 تهدم قبره وكافة القبور التي بجانبه وتم شق شارع مكان كافة القبور …
رحل عبد مهدي القصاب وظلت ذاكرته محفورة في قلبي الى الان يأتي لي في المنام والاحلام مرارا ساعات ولحد الان اراه مبتسما ويقول لي اني لم امت وانت صباح ماتسال عني واحيانا اراه حزينا وعابسا يكسوا وجهه لحية كبيرة ووجه غريب ويكسوا ملابس قرفة وكثيفة جدا …
هكذا انتهت هذا الرجل العظيم في نظري من حيث الشهامة والطيبة والسخي والعفة والكرم والبساطة ،،، وراح هو الضحية
اقول في النهاية كما قال الشاعر :
قفي ودعينا قبلَ وشكِ التفرقِ
فما أنا من يحيا إلى حينَ نلتقي
لا تأسفن على الدنيا وزينتها وأرح فؤادك من هم ومن حزن
وانظر الى من حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن